الاثنين، 30 سبتمبر 2013

مفهوم الشخص - الهوية والشخص ( تحليل نص رونيه ديكارت )

لتلاميذ السنة الثانية بكالوريا علوم إنسانية
تحليل نص رونية ديكارت :الهوية والشخص *الذات المفكرة *
الكاتب : سيومي خليل
ثانوية ابن سينا بلدية جمعة سحيم نيابة آسفي

*********************************

التساؤل حول الإنسان أساس تيمة التفكير الفلسفي، الذي حاول البحث عن حقيقة الإنسان ،و وعن ماهية وجوده، وعن المحددات التي تحكم وضعه ككائن بشري.

و من الموضوعات التي اهتم بها الفلاسفة ،والمفكرون موضوع الشخص ،والعوامل التي تحدد هويته. في هذا الصدد يأتي النص الذي بين أيدينا ، محاولا توضيح علاقة هوية الشخص بالجانب الفكري ،كأحد مميزات الذات الإنسانية ، و ذلك من خلال طرح مجموعة من التساؤلات أهمها:

من أنا* هنا يكمن السؤال المتعلق بماهية الشخص * ؟ وما الذي يحدد هويتي كشخص ؟ وهل يمكن اعتبار الفكر خاصية مميزة للإنسان يستطيع من خلالها تحديد هويته؟

يعتبر ديكارت أن أساس هوية الشخص العقل والتفكير باعتبارهما الخاصية المميزة للانسان*المدرسة العقلانية *، ولتبرير أطروحته اعتمد صاحب النص منهجا حجاجيا يقوم على التفسير، والوصف ،والإستنتاج مع استعماله التساؤال كآلية لتوليد الأفكار ،والتساؤل هنا يأتي كمنهج إستعاري لحيرة ديكارت وبحثه عن أناه . و هكذا انطلق من طرح تساؤل حول مفهوم الأنا *أي شيء أنا *، ثم انتقل إلى الإجابة عن السؤال معتبرا أن الأنا ذات مفكرة ، بعد دلك حاول تفسير خاصية التفكير لدى الإنسان معتبرا أنها مجموعة من العمليات الذهنية التي تميز الإنسان وتجعله أكثر وضوحا ،واصفا كل العمليات الذهنية والعقلية التي يقوم بها ، والتي تجعله يعي ذاته أكثر ، لينتهي في الأخير إلى أن العقل والتفكير هما أساس معرفة الذات والوعي بخصوصياتهما .

ان أطروحة ديكارت تتأكد ، عندما نلاحظ ونتتبع خصوصيات الانسان ككائن بشري حيث يتضح أن العقل خاصية مميزة للإنسان باعتباره كائن عاقل ومفكر, فالإنسان بدون عقل لاوجود له وان وجد فهو لا يعي هذا الوجود ، ولهذا فالإنسان عندما يفقد نعمة العقل *المجنون مثلا * يفقد كل اتصال بالعالم الخارجي لكن هذا لا يعني أن العقل هو المحدد الوحيد لهوية الشخص ، ذلك أن الإنسان رغم أنه كائن عاقل فهو أيضا اجتماعي وثقافي يخضع لمؤثرات خارجية كما أنه يتميز بخصوصيات نفسية وروحية إن الإنسان ذات مركبة.

هكذا نستنج أن العقل يلعب دورا أساسي في تحديد هوية الشخص, لكن هدا العقل ليس ملكة فطرية منغلقة على ذاتها بل انه ينفتح على معطيات العالم الخارجي عبر التجربة والحواس ويتأثر بالخصوصيات النفسية والروحية والثقافية والاجتماعية. وبالتالي يمكننا القول أن هوية الشخص ذات طبيعية مركبة تتداخل في تحديدها عوامل مختلفة. لكن، إذا كانت العوامل المساهمة في تشكيل هوية الإنسان متعددة فان دلك يطرح علينا إشكالية مصدر قيمة الشخص . فهل الشخص يستمد قيمته مما هو عقلي أم مما هو اجتماعي أم مما هو روحي ؟

مفهوم الشخص

خاص بتلاميذ السنة الثانية بكالوريا 
كتاب المنار في الفلسفة
مادة الفلسفة
من إنجاز : الأستاذ سيومي خليل، ثانوية إبن سينا ، بلدة جمعة سحيم ،نيابة آسفي
ملاحظة :المقال عبارة عن تلخيص لدروس مادة الفلسفة .
------------------------------------------------------------------------------
مدخل عام لمجزوءة :الوضع البشري.(ملخص).

يقصد بالوضع البشري ،ما يترتب عن الوجود البشري من قضايا، ومواقف تنتج بصفةخاصة انطلاقا من العلاقات التي يربطها الإنسان بذاته ،وبالغير ، ،وبالمحيط الذي يتواجد به ، وبالصيرورة*الحركة والتغير في الزمن * باعتبار أن وجود هذا الإنسان ، ليس وجودا جامدا ،أو ثابتا ،بل هو وجود يتحرك في الزمن والتاريخ ،ومن تم ينتج الوضع البشري داخل حقل المعارف والمفاهيم والرؤى التي يمكن التوقف عند أهمها ،وهي مجموعة من العلاقات *الجانب العلائقي *في الحقل الفلسفي ،كالشخص *علاقة الفرد بنفسه *،والغير *علاقة الفرد بالغير * والتاريخ علاقة الفرد بالتاريخ *،وإذا كان التاريخ يدخل ضمن مقاربة خاصة في العلوم الإنسانية فإن الشخص والغير قد حضيا بالمعالجة الفلسفية

لذا ستبحث هذه امجزءة في ثلاث مفاهيم رئيسية :
1-
الشخص
-2-
الغير
-3-
التاريخ .

لنبدأ بمفهوم الشخص ونترك المفاهيم الآخرى الى يوم آخر .

1 -
الشخص:

-
أ- مدخل لمفهوم الشخص :

يرتبط معنى الشخص بالأنا ، أي بالذات ، أي الأنا الداخلي الذي يرادف في الدلالة اللغوية الشخص عينه أو هو نفسه ،إلا أن هذا المعطى الداخلي ليس هو فقط من يحدد مفهوم الشخص ، فهو ليس معطى لا شكل خارجي، له بل هو يتمظهر انطلاقا من مجموع الصفات والخصائص البيولوجية ،والمميزات التي تحدد الفرد، وتمثل هويته والتي يمكن اعتبارها هويته المحددة له .

فإذا كانت الهوية الخاصة للشخص واشتقاقاتهما يحيلان على القناع والدور ،فإنهما يحيلان أيضا على معنى الوضوح ،والتميز، وهذا هو ما يجعل من معنى الشخص معنى يتداخل فيه الخارجي المظهري، مع الداخلي السيكولوجي و الوجودي .

وتؤدي المقاربة الفلسفية لمفهوم الشخص إلى طرح الإشكالات الآتية :

-
ما الذي يحقق هوية الشخص ؟ ( الشخص والهوية ).( المحور الأول )
-
ما هي القيمة الأخلاقية للشخص ومم يكتسبها ؟ ( الشخص بوصفه قيمة ).( المحور الثاني )
-
هل الشخص حر أم يخضع لإكراهات ؟( الشخص بين الحتمية والحرية ).( المحور الثالث )

-
ب- المحور الأول :

-1-
إشكالات المحور :

-
ما الذي يحقق هوية الشخص ؟.
يطرح هذا الإشكال مصدر الوعي الذاتي بالكينونة أي الوعي بالوجود الذاتي المستقل ،وقد قدمت الفلسفة أطروحات ساهمت في معالجة هذا الإشكال وكانت على الشكل الآتي :

-2-
الأطروحات بشكل ملخص :

-
أ- أطروحة الفيلسوف ديكارت :أطروحة عقلانية

يرى الفيلسوف الفرنسي ديكارت أن ما يحقق الوعي بالأنا ،هو فعل التفكير ،فهناك تلازم بين الوعي بالكينونة وممارسة التفكير ،ويتضح ذلك جليا من خلال (الكوجيطو الشهير: أنا أفكر إذا أنا موجود ) حيث يرتبط فعل الوجود بفعل التفكير ويؤكد ديكارت على أن هذا الوعي ليس ناتجا عن أي شيء آخر ،ما عدا عن التفكير العقلي كنور فطري يدرك بالبداهة .

-
ب-أطروحة الفيلسوف جون لوك : اطروحة تجريبية

على عكس الموقف العقلاني ،الذي انتهى إليه ديكارت ،يرى جون لوك كأحد أقطاب الفكر التجريبي ،أن العقل ليس نورا فطريا ،بل هو في البداية يكون صفحة بيضاء ،تتأسس كل معارفه على المعطيات الحسية صحيح أن الوعي بالشخص يتأسس ،على فعل التفكير إلا أن مصدر التفكير هو الحواس وليس المعطيات العقلية الفطرية .

-
ج- أطروحة مونيي :أطروحة شخصانية

يمثل موقف الفيلسوف الفرنسي مونيي ،موقف التوجه الشخصاني، الذي يرى أن الشخص ليس موضوعا يمكن تعريفه كما تعرف موضوعات العالم الخارجي، بل هو فرادة وكينونة خاصة يعيشها كل إنسان بشكل مستقل وكل نظرة تجزيئية تحرمنا من تكوين صورة شمولية عن الشخص في كليته .

خلاصة المحور الأول :

تتحد هوية الشخص انطلاقا من تفاعل مجموعة من الجوانب العلائقية لذا الإنسان ، فهناك القدرة على التفكير والتي تدل على وعي الشخص بذاته ، وهذا ما يجعل ذكارت يحدد الفكر اساس للهوية الخاصة بالشخص ،ويعتبر هذا التفكير فطري لذا الأنسان ، إلا ان جون لوك يناقضه في مسألة فطرية الفكر ، إن الشخص عند جون لوك تتحد هويته بالفكر الذي يأتي نتيجة المحسوسات وليست نتيجة الفطرة ، وهذا ما يجعل نقطة الأختلاف بين الفيسلوفين تتحد في فطرية الفكر أم في ارتباطه بالحواس ، اما مونيي فإنه يقر بلا جدوى ربط الشخص بموضوعات العالم الخارجي ن فهو ليس موضوعا يمكن تشييئه ، بل هو كينونة تخع للتغير وعد الثبات .

يتبع :

الحصة المقبلة ننتقل إلى المحور الثاني في مفهوم الشخص