الأحد، 24 فبراير 2013

دردشة حول الفراغ


الكاتب : سيومي خليل
دردشة عن الفراغ
---------------------------------------------------------------------
لا أدري كيف أُعرف الفراغ ، فالتعريفات المعروفة جدا ، هي في الواقع مبتذلة جدا ،وجد ساذجة، ولا تعني إلا التوجه العام لمعرفة المفاهيم . تعريف الفراغ-مثلا - بأنه عدم الإشتغال بشيء معين ، ليس إلا تعريفا إقتصاديا ،أو عمليا للفراغ؛ تعريف بسيط لمفهوم جد معقد .

الفراغ احسه الآن ، رغم أني أشغل نفسي بأشياء كثيرة .
الفراغ أحسه الآن ،لذا أوشك على الغثيان ...
رواية الغثيان للفيسلوف جون بول سارتر لا شك أنها كانت نتيجة إحساسه بالفراغ ، الفراغ الوجودي أقصد، الإحساس بالعدمية كرقم بارز يفرض نفس .

لست عدميا ، لكني أحس بالفراغ والغثيان معا ؛ فما معنى كل هذه الأشياء التي يريدونها أن تكون ممتلئة في حياتنا ؟؟؟ ما معنى هذا السيل الجارف من الأحداث غير المترابطة ، وغير المفهومة ، والمتجهة حتما صوب اللامعنى ؟؟؟.

إني أكاد أصاب بالدوار ، كلما أردت أن أنفي الفراغ عن الوجود ، لأن الفراغ هنا هو فراغ المعنى لا فراغ الشكل ؛ألم يقل أرسطو أن الطبيعة تخشى الفراغ ، لكنه إمتلاء الشكل فقط ، أما المعنى فكله فراغ .

وأنا في المقهى كعادتي ،إنتابني إحساس لست معتادا عليه في شكله التام ، فأنا كنت أحسه كضياع المعنى فقط ، أما في شكله التام ، فله نفس عبارة الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر *رمي في...* التي تعني أن لا حول ، ولا قوة ، للإنسان في عالم غريب عنه ...

إني أحسست بكل هذا بشكل فارغ ؛ إننا نعيش إمتلاء من الفراغ .

أحسست وأنا في المقهى بلا جدوى أي شيء ؛
لا جدوى أن تكون أنت أو غيرك
لا جدوى أن تحب أو تعشق
لا جدوى أن تتكلم أو تصمت
لا جدوى أن تفعل الخير أو تفعل الشر ...
كلمة لا جدوى غير معبرة إطلاقا عن الإحساس بالفراغ .

رأيت الإيمان وابتسمت ، رأيت الكفر وابتسمت ؛ ماجدوى أن تؤمن أو تكفر، والجميع يرون الأشياء من أوضاع جلوسهم المختلفة، تماما كأسطورة الفيل عن إدراك الحققية ؛ هل سنحاسب لأننا أخطانا معرفة الفيل ، أم لأننا فكرنا في تغيير أوضاع جلوسنا ؟؟؟

إنني أصيح داخلي هراء ...
هراء أن تقذف في .. ويطلب منك في نفس الوقت الإستئناس بالقدف
هراء أن تطالب بالثبات وقدماك تحت مرجل مشتعل
هراء
لذا أقول أنه وجب علينا الرقص ،يجب أن نرقص مع أنغام الأفكار ،لأنها هي الحل الوحيد لتحمل هذا الفراغ، هي وحدها التي تجعلك تقبل على المغادرة دون أن تلوح لأحد بالوداع ، فما معنى أن تلوح لمن لايرى أبدا؟؟؟ .

إن إحساسي في المقهى شبيه برمي عقب سيجارة على الأرض ، والوطأ عليه بالقدم ؛هكذا هو الفراغ الذي يملأ الوجود .

الوجود ليس أكثر من فضاعة مكرهين عليها .

وأنا أحس بالفراغ ، تدخل المقهى متسولة، لن أقول شيئا عن أوصافها ، يكفي أنها متسولة ،ونحن نعرف كيف يكون المتسولون في أوطاننا .

قلت في نفسي ؛ هذه المتسولة عنوان الفراغ ... لن أحس إتجاهها بالشفقة ، فعنوان الفراغ يجب ألا يقرأ ، لن أشفق حتى وإن كسر عنقها بدل قدمها المتورمة ؛ فما معنى أن توجد الصورة من الأصل ؟؟؟ وما معنى أن يقدم للصورة البائسة تبريرات دينية ساذجة ؟؟ وما معنى أن نضخم أنانا النرجسية بالشفقة على مثل هذه المتسولة ؟؟؟.

أسئلة هي الآخرى فارغة ؛ فالناس توقفوا عن السؤال ، فقد تعلموا مد أياديهم للأسفل .

أسئلة لن تمنحني عطفا على المتسولة ، إذن ما فائدتها ؟؟؟ فقط ليعلم الفراغ أننا لسنا كسالى مثله .

أريد أن أشير تحديدا للفراغ ، أفكر في وضع أصبعي على المكان الذي يختبئ فيه ، أريد أن أضع مجهرا لتوضيحه أكثر ... إلى ما سأشير يا ترى ؟؟؟.

من الممكن أن أشير إلى اختلاف الوجوه والمظاهر ، من الممكن أن أشير إلى تعدد الأديان والحقائق والأفكار ، يمكنني أن أشير أيضا الى تفاهة الإيمان و الكفر ، أيضا من الممكن ان أشير إلى تعدد الأرزاق ...يمكنني أن أشير الى أشياء كثيرة ، لكني في الواقع أفضل أن أشير إلى هناك حيث وجدت الجميع يشيرون إلى هناك لكن بمعنى الإمتلاء .

لن أنسى أني من أهدى الفراغ لجام التحكم في نفسي ؛ كيف كان ذلك ؟؟؟.

لقد وحدتني أول الأمر منسجما مع نفسي ، مطمئنا ، هادئا ، الآخرون هادئون أيضا ، ولا وجود للفراغ ،تماما كاستئناس الكرسي بوجوده المعدوم، ثم تحركت قليلا ،كتحرك الكرسي بسبب الفراغ على جوانبه ، هنا اكتشفت الفراغ بشكل أولي ، حرت ،كما حارى الكثيرون ، وكما فعلتم أيها القراء حين حرتم بدأت بالبحث عن وسائل تصريف حيرتي ، أنتم تعلمون هذه الوسائل أيها القراء -أذا كنتم لم تنقرضوا بعد - ربما منكم من توقف عند إحداها ، لكن لسوء حظي لم أتوقف عند وسيلة تصريف واحدة ،فكنت نهبا للفراغ ؛ لو جعلت الإيمان وسيلتي لتوقفت الحيرة ،لوجعلت الكفر لتوقفت الحيرة ، لو جعلت الإدمان ...لكني لم أختر شيئا من هذا ... هكذا كنت أمنح لجامي للفراغ .

أخاف أن يفهم القارئ الفراغ كما يحسه ، فهو سيكون صاحب الفر اغ وليس أنا ، واخاف أكثر أن تنمطني أيها القارئ ، فأنت سيمنع عني الفكرة الأساس التي أناقشها .

في المقهى كان الإحساس على شكل التالي ؛
ليست هناك إلا أشكال فقط ، هناك الكراسي، والجثث، وبعض الزهور ،ومقاعد من خشب رخيص ،ومرمدات فخارية ، الجثث كانت تحمل هواتفا نقالة ، وتنظر لدخان سجائرها ، وتلعب في حواسب محمولة ،أمامها كؤوس شاي وبعض من الحلوى ،الجثث تخرج أصواتا حين تريد أن تتواصل ،كما تخرج السيارات أصواتا ، وكما تخرج الكراسي أصواتا حين تحتك بالأرض ... هذا ما أسميه الفراغ ؛ الإمتلاء الكبير بالأشياء والخلو التام من المعنى .

كل من تحدث معي في المقهى ، ربما ، بل أكيد، أحس بالفراغ ، لكن بمعناه البسيط غير المركب ؛ لما كانوا كل يوم يجلسون في المقهى ؟؟؟ لما كانوا يعيدون نفس الأحاديث الفارغة ؟؟؟لما كانوا يخوضون نمنمة غبية ؟؟؟ لما كانوا يحدقون إلى بعض نظرات شك ؟؟؟ لما كانوا يحدقون في التلفزة ، وفي كؤوس القهوة التي يرتشفونها ، وفي دخان السجائر الذي يبتعد عنهم ، وفي مؤخرة فتاة بدينة ؟؟؟... إنهم كانوا يحسون الفراغ دون أن يعرفوا ذلك ، وفي أحسن الأحوال ، يحسون به حين يربطونه بالعمل .

حتى في أعمالهم ، وفي مشاريعهم ،وفي مسؤولياتهم العظيمة ، ألم يكونوا منذورين للتجسس في لحظات سهوهم ، أو لحظات تأملهم ،للفراغ الكبير الذي يملؤهم ، والذي يملأ العالم .

والمتدينون منهم ، ألم يعملوا على سد فتحة النظر إلى الفراغ بالإمتلاء الروحي ؟؟؟ لو فكروا قليلا لوجدوا الإمتلاء الروحي هو إقرار كبير بوجود الفراغ ، هو أحد تلك الوسائل الناجعة لنر أنفسنا بشكل مخالف على المرآة ، نرى أنفسنا في شكل جميل ، رائع ، ترتاح إليه الأعين ... ربما نجحوا في وسيلة هروبهم من الفراغ ، لكنها وسيلة لا تلغي الفراغ ، إنهم أنانيون لأنهم فكروا في وسائل ذاتية ، بدل تعليم الناس مواجهة الفراغ .

الآن ، أنا لا أخوض معركة ضد الفراغ، لأني لا أهوى الهرب ، ولا أفضل إستعمال وسيلة فرار ... أنا ، الآن ، في معركة من أجل التعايش مع الفراغ ؛
أتعايش معه وأنا مجد في عملي
أتعايش معه وأنا أحب الحياة بلا كلل وبشكل يملأ الكيان
أتعايش معه وأنا أخوض نضالات العيش الكريم
أتعايش معه وقدماي على الأرض ورأسي أيضا ...

يجب أن أتعايش مع الوجود الفارغ كي يكون وجودي ممتلأ .
Haut du formulaire

حرب السماء والأرض

حرب السماء والأرض
الكاتب : سيومي خليل
----------------------------------
كأن الحرب بين السماء والأرض .

حرب تشن فيها كل الاسلحة ؛ قصف الأفكار ، التنكيل بالقيود ضد الحياة ، وتلغيم معاني الجمال ...

الحرب كانت دائما ، وكانت تجهز لها الضمائر والأيادي ، واليوم أصبحت خاضعة لخطط مؤسساتية جد منظمة .

لقدإنسلت جماعة من النوع البشري، وأعلنت نفسها من جنس طهراني ، يفوق طهارة الملائكة ، وأعلنت قربها من الله جدا ، وادعت رغبته في إبادة كل أولائك الذين يعتقد أنهم بعيدين عنه ؛ والله لم يكن بعيدا على أحد يوما .

جماعة تتكلم باسم المقدس ،وتعلن أن صك الغفران الوحيد هو الخضوع للتنميط القاتل ،والإنحناء أمام صنم التفسير الأوحد للتعبد .

جماعة تتشكل دائما ، وتجد، كل مرة ، تبريرا لوجودها ، رغم أن التبرير الوحيد لتواجدها هو الجهل ، فكيف يمكن لمن يؤمن باعتقال الحياة في نمط وجود وفكر ، أن يكون عارفا بحضرة الإلاه الذي وزع معرفته على كل العباد .

الحرب دنسة بإسم مقدس متخيل ؛كيف يتم التكفير باسم الرحمة ، التي لسوء الحظ هجنت بأساليب جد مقيتة ، كي تصبح كائنا مشوها ، خليط من القسوة ، والجهل ، والإقصاء ...

الدماء سائل لا يثير الذعر ، إنه نبع للحياة ،وقود إضافي لسير الجماعة الطهرانية نحو جنانها الدنيوية المرغوبة ، وكل حرب مشهدها الأهم هو دم أحمر قاني ، وحرب السماء والأرض ، يعلن فيها سفك الدم برعاية الإلاه ؛ أيرعى الإلاه البندقيةوالسيف ؟؟؟ .

إعتقال الرأي ، تدجج من أجله قوى خاصة ، يتم التنغيم على أوتار التدين،كي تنجح عملية الإعتقال ، فيركن الرأي الحر في عربة الإحتجاز ، ويرمى به في زنزانة الخوف ؛ كيف يسمح الإلاه بالحديث ، ويسرق الألسنة مدعي صيانة هياكل الدين ؟؟؟

كل جديد بدعة ،هكذا تكون الحرب شرسة ، فما خرج عن النسق المرسوم بأذهنتهم العصابية ، خرج عن نسق الله العلي ،وتكف النقاشات والجدل ،فيكف يناقش الغاضب عنه الله؟؟؟ .

لا قانون ينظم حرب السماء والأرض ؛ فمن أعلن نفسه سماويا في لحظة تفريغ جنسي ، لن يفكر في وضع قانون مع سكان الأرض ،الذي يرفعون أعينهم برفق إلى السماء ، ويدركون أن الله للجميع

لا يهم الوردة سؤالي

لاَيَهُم الوردةَ سُؤالي
الشعر
الكاتب : سيومي خليل
--------------------------------------
-1-
أُرقعُ ثوبَ العمرَ
الذي ما زالَ يَلبسني
وما أمكنني أبحث فيه
عن جيب أخبئ منه لحظات.
-2-
لأني غالبا أَكونُ غيري
لم أَنجح يوما
في الحديث عن نفسي.
-3-
الصمت ؛
هو الضجيج
الذي لم أَستطع كرهه .
-4-
لو كنت أسعدَ قليلا
أو أحزنَ قليلا
هل كان مفهوم الوردة سيتغير ؟؟؟.
-5-
سيصبح للوردة مفهوم آخر
حين يمكنها أن تعي نفسها
وتغير الساق الذي وجدت عليه
والأشواك المحيطة بها ؛
لا يهم الورة حزني أو فرحي .
-6-
مرة آخرى ، لا أَنا حزين
لا أنا فرح
أنا بينهما
عالق كفرخ ٍصغيرٍ في شبكة .
-7-
الشبكة هي الحياة
لذا استغرب أن قلة هم من يرغبون
في التخلص منها

لا يهم الوردة سؤالي

لاَيَهُم الوردةَ سُؤالي
الشعر
الكاتب : سيومي خليل
--------------------------------------
-1-
أُرقعُ ثوبَ العمرَ
الذي ما زالَ يَلبسني
وما أمكنني أبحث فيه
عن جيب أخبئ منه لحظات.
-2-
لأني غالبا أَكونُ غيري
لم أَنجح يوما
في الحديث عن نفسي.
-3-
الصمت ؛
هو الضجيج
الذي لم أَستطع كرهه .
-4-
لو كنت أسعدَ قليلا
أو أحزنَ قليلا
هل كان مفهوم الوردة سيتغير ؟؟؟.
-5-
سيصبح للوردة مفهوم آخر
حين يمكنها أن تعي نفسها
وتغير الساق الذي وجدت عليه
والأشواك المحيطة بها ؛
لا يهم الورة حزني أو فرحي .
-6-
مرة آخرى ، لا أَنا حزين
لا أنا فرح
أنا بينهما
عالق كفرخ ٍصغيرٍ في شبكة .
-7-
الشبكة هي الحياة
لذا استغرب أن قلة هم من يرغبون
في التخلص منها

لا يهم الوردة سؤالي

لاَيَهُم الوردةَ سُؤالي
الشعر
الكاتب : سيومي خليل
--------------------------------------
-1-
أُرقعُ ثوبَ العمرَ
الذي ما زالَ يَلبسني
وما أمكنني أبحث فيه
عن جيب أخبئ منه لحظات.
-2-
لأني غالبا أَكونُ غيري
لم أَنجح يوما
في الحديث عن نفسي.
-3-
الصمت ؛
هو الضجيج
الذي لم أَستطع كرهه .
-4-
لو كنت أسعدَ قليلا
أو أحزنَ قليلا
هل كان مفهوم الوردة سيتغير ؟؟؟.
-5-
سيصبح للوردة مفهوم آخر
حين يمكنها أن تعي نفسها
وتغير الساق الذي وجدت عليه
والأشواك المحيطة بها ؛
لا يهم الورة حزني أو فرحي .
-6-
مرة آخرى ، لا أَنا حزين
لا أنا فرح
أنا بينهما
عالق كفرخ ٍصغيرٍ في شبكة .
-7-
الشبكة هي الحياة
لذا استغرب أن قلة هم من يرغبون
في التخلص منها