الجمعة، 26 يوليو 2013

أسئلة بسبب إبن مفترض

كل ما أعرف هو أني لا أعرف شيئا ؛ سقراط ،يا صاحب العبارة ، هل كنت ستغيرها لو عشت هنا / وعشت الآن / وعشت بين قذائف الأخبار ،والأحداث ،وآخر النظريات العلمية والمعرفية .

المعرفة ليست بالمعطى الجاهز ، أو الثابت ...لذا نتساءل عن أي معرفة نتحدث ، ونتساءل عن أي معرفة يجب أن نحصل ،ونتساءل عن أي معرفة يجب أن ننقلها للجيل اللاحق ...ما الذي نعرفه تحديدا ؟؟؟ أو ما الذي يجب أن نعرفه ؟؟؟.

ما الذي سأنقله لإبني من معارف ؟؟؟ .

هذا ليس سؤال تربية ، بل هو سؤال في عمق المعرفة . يرهقني هذا السؤال ، رغم أن لا أبناء لي ، لكني أعرف أهمية طرحه ، وصعوبة الجواب عنه .

هل اكتفي بأبسط الطرق في تحصيل المعرفة ، وأقول مع القائلين ؛ لأعلم ابني المعرفة التي تنفعه في حياته . الأكيد أن ما نقصده بالمعرفة التي تنفع في الحياة ،هي المعرفة التي تؤدي بك إلى سوق الشغل، كي لا تبقى عاطلا ،هي المعرفة التي تجعلك برصيد دسم ،ووجود ممتلئ بالأشياء ؛ هل هذه هي المعرفة التي علي أن أنقلها لإبني ؟؟؟.

لارتد إلى الماضي ، وأدعي أن السلف يجب أن يكونوا حاضرين في المعرفة التي يجب أن أمنحها لإبني ، يجب أن أعلمه كيف كانوا ، وماذا فعلوا ،وكيف تفاعلوا مع إنتصاراتهم ، وهزائمهم ... أبهذه البساطة أختزل ما يجب أن أؤديه لإبني من معارف ؟؟؟.

او لإنتقل مع المنتقلين لما سموه بعوالم العلم والنور ، وأشرع في حث ابني على تلقي المعارف التي جعلت الآخر متقدم ونحن في الذيل ؛ أمن الممكن أن نحقق ذواتنا بهذه المعارف ؟؟؟.

بين المحافظة و التحديث أموقع المعرفة التي أريدها أن تكون مرجع إبني ؛ هل أمنحه معارف محافظة ؟؟؟ لا أدري من سمى المعرفة هكذا ؟؟؟ ولا لما سماها هكذا ؟؟؟ أم أحثه على المعارف الحديثة ؟؟؟ ولما هي حديثة تحديدا ؟؟؟؟

إن الأسئلة هذه ليست بالضرورة موجهة إلي بسبب الإبن الذي سيأتي أو لا يأتي ، إنها موجهة لي ، فمع أني أخذت قراري حول طبيعة المعرفة التي علي أن أتخصص فيها ،وهي معرفة تستهويني ، إلا أني أقر أني وجدتها تحيط بي في مراحلي التي لم يكن بيدي إتخاذ قرار حولها ،أفكر أنه لو أحاطتني معرفة آخرى لكانت بعد ذلك هي إختياري ؛إننا لم نختر ما تم تلقينه لنا في مراحلنا الأولى ، والأسوأ ان من لقنوه لنا لم يختاروه أيضا ، أنا على الأقل مع ابني المفترض ساختار نيابة عنه المعارف التي أراها صالحة له ، وحين يكبر يمكنه أن يحاججني في عدم صحتها ، وفي سوء إختياري ،وفي ديكتاتوريتي التي أعطتني الحق في منحه ما لم يعد يرغبه فيه ...
عرف في تاريخ المعرفة ،ما نصطلح عليه بالنصائح، خصوصا نصائح الآباء للإبناء ، إنه نوع من المعرفة الذي مرر عبره الآباء ما يرونه صالحا للآبناء ، ويتعدى هذا النوع من المعرفة تيمة النصائح ، ليبحث في موضوعات متفرقة ، وفي إشكالات فكرية أساسية ،أذكر كتاب أرسطو طاليس الشهير ،* إلى نيقيماخوس *،الكتاب بعنوان إبن الفيلسوف الأثيني الشهير .

لأن لا إبن لي ،أفكر في تقديم نصائح لإبني المفترض ، والتي لن تكون ، ولا أطمح أن تكون مثل نصائح الآخرين ...

أفكر في عكس طبيعة النصائح ، فإن كانت النصائح عامة موجهة إلى الأمام ، وموجهة إلى الغد ،وتروم تحقيق فكرة الأبناء القادرين على فهم العالم ، ومواجهته، وتحديه ...فإني سأعمل على جعل النصائح مجموع من الأسئلة الملحة ، والوجودية،والتي يمكن ان يصفها البعض بالغريبة ، والتي لا تترقب أجوبة لها ،فهي بحد ذاتها محاولة فكرية لا يستهان بها .

إن كان الابن ولدا سأنصحه أن يسأل نفسه هذا السؤال ؛ ماذا لوكُنتَ فتاة ؟؟؟ وهل كانت رؤيتك للأشياء ستتغير ؟؟؟ و كيف ستصير عندك مفاهيم العاطفة والاحاسيس والمشاعر ..؟؟؟؟

لا داعي أن أذكر أن الأمر هو نفسه ، والأسئلة هي ذاتها ،مع تغير طبيعة الجنس ، إن كان الإبن الذي أوجه له السؤال انثى لها عينين لوزيتين ؛ كيف كنت ستفكرين يا فتاتي لو كنت ولدا ؟؟؟؟.

أرى أن هناك أسئلة كثيرة بإمكانها أن تعطى كمقدمة لإنتاج حالة توتر في المعرفة التي نرجو تقديمها لأبنائنا ؛ هل كان من المفروض يا إبني أن تكون على هذا الشكل ؟؟؟ .

إنه سؤال يصلح للدخول إلى فكرة الجواهر ،والتخلص من حدود الجسد ،إنه يحيل على القدرة على تجاوز المعطى الظاهر ،إسأل نفسك يا إبني هذا السؤال ،كي تسأل بعده سؤالا أكثر عمقا ؛ماذا كان سيحدث لو كنت بجسد آخر وبنفس الجوهر دائما ؟؟؟ .سؤال هو الآخر بوابة على أسئلة آخرى تتعلق بسيرورة الحياة ، بالعمر تحديدا ، وبمراحله ، وتطوراته المتعددة .

السؤال الأخير يقتنص أسئلة آخرى متعلقة بمراحل أعمارنا ، لتسأل يا ابني ؛ ما الذي يميزك عن نفسك وأنت شاب عما كنت عليه في الطفولة ؟؟؟؟ قس على هذا السؤال أسئلة آخرى متعلقة بمراحل الكهولة والشيخوخة وغيرها ...

إن هذه الاسئلة ستؤشر على فكرتي التحرك والتباثن بإعتبارهما فكرتين من صميم المعرفة الإنسانية ، بل إنهما محورا الكثير من النظريات العلمية والفلسفية ؛ ما الذي يتغير ؟؟؟ وما الذي يظل ثابتا في ظل هذا الوجود الفسيح ؟؟؟.

قلت ، إن الأسئلة التي تصلح نصائح للإبن المفترض كثيرة ، لذا اختار منها ما أراه يصلح أن يسبب رجة في فكر هذا الإ‘بن ...

هناك سؤال اخير ، يتعلق بموضوع المعرفة التي أريد أن انقلها لإبني ، وهو تحديدا سؤال خاص بنوعية هذه المعرفة ،وبمدى الإيمان بها ، او التخلي عنها ،وهو سؤال أجعله على شكل سرد مطول نسبيا :

لو كنت أبا ينتمي إلى منطقة الساحل ،وينتمى غلى حضارة وجدت قبل التاريخ المكتوب ،ولتكن أي واحدة من الحضارات الشهيرة ، وكنت بمقاييس ذلك الزمن شخصا ثريا ، ومثقفا ،وأفكر جديا في تربية ابنائي عكس تربية أبناء الباقين ،فما هو الشيء الذي أسعى إلى تجاوزه ، وهدمه أولا ، أليس هو دين الخرافة الذي آمنت به تلك الحضارات ، أليس هو ذلك الدين تحديدا الذي نراه في عصرنا الراهن مجموعة من الأساطير ،والحكايات الممتعة ،والقصص الغرائبية عن كيف تشكل العالم ،وكيف ....؟؟؟؟ .

السؤال الأخير الذي طرحته ،ليس هو السؤال الذي أرجو إبني أن يطرحه على نفسه ،بل يجب أن يطرح على نفسه السؤال التالي ؛ كيف تم الحكم على ذلك الدين بأنه خرافة، وبأنه مجموعة من الأساطير ، ومجموعة من القصص الممتعة ؟؟؟؟ولما تم الحكم عليه بكل هذا ...؟؟؟؟

اعتقد يا إبني أنك فهمت ما أردت ان أوصله لك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق