الكاتب : سيومي حليل
فتاوى الدولة العميقة
---------------------
ترغب الدولة بعمقها المستحكم في توزيع الحياة ، على أن تكون حداثية ،و أن تأخذ من صفات دول ما بعد الرفاه ،و تعلي من يافطات الديمقراطية على جباه مؤسساتها ... لكنها في نفس الوقت تغور وراء إلى الأمس ،كي تحتمي بسلفية باتت عرجاء عن مسايرة متغيرات العصر الراهن .
إن التجلي الواضح لهذه المفارقة ،هو إعلان المجلس الأعلى للإفتاء ،فتوى قتل المرتد ؛ فكيف نزاوج بين فتوى تضرب صميم الإعتقاد وحريته ،وبين الرغبة في أخذ مكانة في قطار الحضارة ؟؟؟ ثم لما الفتوى تحديدا ، في وقت ، نرى فيه النا س يميلون إلى فردانية مستترة يحققون بها ذواتهم ؟؟؟ .
هذا ما أسميه خلط الأوراق المتعمد ؛ فالمجلس الأعلى للإفتاء ، ولأنه مؤسسة تمثل دولة ، يراهن على إمتداد العاطفة الدينية ، كي يضمن حماية سلفية لحاضر يريدونه حداثيا ، لذا لا يثوانى عن إظهار عمقه الديني ، وبالتالي عمق الدولة ، بأكثر الفتاوى تناقضا مع مفهوم الحرية . إن المجلس الأعلى للإفتاء، يعلم أن بعدم إصداره الفتوى لن يخسر شيئا ، بل سيحمي نفسه من سهام نقد الحداثيين ، لكنه رغم ذلك يصدرها ،لأن الهدف ، في واقع الأمر، أكبر منه ومنها ، إنه الرغبة في استدعاء حمولة السلف الأكثر ثقلا كي تقف في وجه حمولة اليوم الحداثية ... والرابح هو الدولة العميقة التي تلعب على المتناقضات، وتعيش منها ،والتي لا يهما أمر الحداثة ، بنفس قدر عدم اهتمامها بالسلف.
لو حدث وأفتى بفتوى ضرورة قتل المرتد أحد الشيوخ الخارجين عن هيكلة المجلس الأعلى ؛ إن النتيجة ستكون هي إدانة المجلس للشيخ بالإرهاب ...
لقد سمى المجلس الأعلى للإفتاء الفتوى بالمؤقتة ،وبغير الملزمة ، إذن لما علينا إيقاضها من سباتها الطويل ؟؟؟ .
ليس المهم أن فتاوى كثيرة لا يعمل بها ، لكن مجرد وجودها يعكس طبيعة الفكر السائد .
لا يمكن لأحد أن يقنعني بأن الفتوى لن تفعل، لأن وجودها يعني أنها خزان احتياط سيفرع حال الحاجة إليه .
أن تكون حداثيا وسلفيا أمر لا يمكن استيعابه إلا في حالة الأفراد الذين رأوا في أنفسهم القدرة على الجمع بينهما، لكن أن تحاول مؤسسات دولة أن تجمع بين خطى الأمام وخطى الخلف ،وتدعي في نفس الوقت أنها تعدو في مدار الحضارة ، وتتقدم لأخذ تذكرة لدخول بلدان الحريات والكرامة ، فإنها لا شك ستضطرب ، وينتج اصطدام يهدد التماسك الذي نعيشه
فتاوى الدولة العميقة
---------------------
ترغب الدولة بعمقها المستحكم في توزيع الحياة ، على أن تكون حداثية ،و أن تأخذ من صفات دول ما بعد الرفاه ،و تعلي من يافطات الديمقراطية على جباه مؤسساتها ... لكنها في نفس الوقت تغور وراء إلى الأمس ،كي تحتمي بسلفية باتت عرجاء عن مسايرة متغيرات العصر الراهن .
إن التجلي الواضح لهذه المفارقة ،هو إعلان المجلس الأعلى للإفتاء ،فتوى قتل المرتد ؛ فكيف نزاوج بين فتوى تضرب صميم الإعتقاد وحريته ،وبين الرغبة في أخذ مكانة في قطار الحضارة ؟؟؟ ثم لما الفتوى تحديدا ، في وقت ، نرى فيه النا س يميلون إلى فردانية مستترة يحققون بها ذواتهم ؟؟؟ .
هذا ما أسميه خلط الأوراق المتعمد ؛ فالمجلس الأعلى للإفتاء ، ولأنه مؤسسة تمثل دولة ، يراهن على إمتداد العاطفة الدينية ، كي يضمن حماية سلفية لحاضر يريدونه حداثيا ، لذا لا يثوانى عن إظهار عمقه الديني ، وبالتالي عمق الدولة ، بأكثر الفتاوى تناقضا مع مفهوم الحرية . إن المجلس الأعلى للإفتاء، يعلم أن بعدم إصداره الفتوى لن يخسر شيئا ، بل سيحمي نفسه من سهام نقد الحداثيين ، لكنه رغم ذلك يصدرها ،لأن الهدف ، في واقع الأمر، أكبر منه ومنها ، إنه الرغبة في استدعاء حمولة السلف الأكثر ثقلا كي تقف في وجه حمولة اليوم الحداثية ... والرابح هو الدولة العميقة التي تلعب على المتناقضات، وتعيش منها ،والتي لا يهما أمر الحداثة ، بنفس قدر عدم اهتمامها بالسلف.
لو حدث وأفتى بفتوى ضرورة قتل المرتد أحد الشيوخ الخارجين عن هيكلة المجلس الأعلى ؛ إن النتيجة ستكون هي إدانة المجلس للشيخ بالإرهاب ...
لقد سمى المجلس الأعلى للإفتاء الفتوى بالمؤقتة ،وبغير الملزمة ، إذن لما علينا إيقاضها من سباتها الطويل ؟؟؟ .
ليس المهم أن فتاوى كثيرة لا يعمل بها ، لكن مجرد وجودها يعكس طبيعة الفكر السائد .
لا يمكن لأحد أن يقنعني بأن الفتوى لن تفعل، لأن وجودها يعني أنها خزان احتياط سيفرع حال الحاجة إليه .
أن تكون حداثيا وسلفيا أمر لا يمكن استيعابه إلا في حالة الأفراد الذين رأوا في أنفسهم القدرة على الجمع بينهما، لكن أن تحاول مؤسسات دولة أن تجمع بين خطى الأمام وخطى الخلف ،وتدعي في نفس الوقت أنها تعدو في مدار الحضارة ، وتتقدم لأخذ تذكرة لدخول بلدان الحريات والكرامة ، فإنها لا شك ستضطرب ، وينتج اصطدام يهدد التماسك الذي نعيشه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق