سجائر سارتر
القصة القصيرة
الكاتب : سيومي خليل
-------------------
أتصفح أسطر الغثيان من على حاسوبي الخاص . بعد كل ذكرى وجودية لسارتر ، انتبه إلى أن سيجارتي إكتمل إحتراقها ، دون أن أرشف منها أكثر من رشفة واحدة .
قررت أن أتوقف عن التذخين أكثر من مرة ، كنت أعود إليه بشراهة لذيذة بعد قراراتي غير الحاسمة ، لكن مع الغثيان وجدت أن الفرصة مناسبة لتحقيق قرار المنع ، كأن سارتر يقف ، وهو المذخن الوجودي بامتياز ، على ذخان سيجارتي كي يقول :
- ألا يكفيك هذا الغثيان كي تضيف ...ويشير إلى السيجارة .
على مدار أوراق الغثيان ، وكلما خلت سارتر يبدد السيجارة دون أن أذخنها ، كنت أسأله نفس السؤال :
- وأنت ...من منعك عن التذخين ؟؟؟
أحلق بسرعة إلى مقال دبجه غابريال غارسيا ماركيز ،عن كيف أصبح بعد إنقطاعه عن التذخين . إنه سؤال وجودي جيد ؛ كيف نصبح حين نغادر عاداتنا ؟؟.
يجيب سارتر بنزقه الغامض ،والمعهود، عن السؤال :
- لن نصبح إلا نحن ، سواء كنا نحمل علب السجائر دائما معنا ، أو لم نحملها أبدا . أي فرق سيكون قائما بالفعل .. يقولون ، إن صحتنا ستتحسن ، فهل هذا يعني أننا أصبحنا غيرنا .
غابريال ، الذي أخبئ روايته الحب في زمن الكوليرا ،جنب الغثيان ، يحدق إلى ذخان مفترض ، ويقول :
-بالفعل هذا صحيح سارتر ... لكني سأتحدث عن تغير الأشياء المحيطة بنا ، الأكيد أن ذخان السجائر كان يخلق رؤية سديمية يلاحقها الخيال ، ومدة التدخين نفسها ألم تكن مشغولة زمنيا ، إنها إشتغال يجعلنا قائمين على أمر ما .
السيجارة إنتهت مرة آخرى ،دون أن أرشف منها أكثر من رشفة واحدة ، فالغثيان الرواية أصابتني فعلا بالغثيان والنسيان معا . نظرت في الذخان المتصاعد من السيجارة ، ونظرت في رواد المقهى ، الجميع يحفهم ذخان بارد كريه ،قلت :
-ماذا يفعلون ؟؟؟؟
أجبتني :
-ما تفعله أنت ...؟؟؟
- وماذا أفعل أنا ؟؟؟
- لاشيء تحديدا ...
يجيب سارتر عن تساؤلاتي :
-كنت ستسأل هذا السؤال لو لم تكن مذخنا أيضا ، ففجأة ستحس بجلوسك غير المبرر ، وستنظر في أشخاص آخرين يجلسون مثلك ، لا يحفهم ذخان بارد كريه ، بل سيحفهم شيء آخر ستحسه ساعتها ، وستسأل ؛ ماذا يفعلون ؟؟؟
رفعت يدي كي أبعد حذلفة سارتر الغامضة ،ونقرت على الحاسوب بحثا عن مقال يساعد في إبعاد ذخان السجائر .سمعت عيارة ماهذا الهراء ... لم أعرف من قالها ، لكنها كانت واضحة ، فكرت ربما هي صدى نفسي ، فكيف سيساعدني مقال عن الإنقطاع عن التذخين ، أنا من سأساعد نفسي ، وليس شيئا آخر .
كان أحد الأصدقاء قد جلس جنبي ، وشرع يقرأ المقال :
- أفكر أنا الآخر بالإمتناع
القصة القصيرة
الكاتب : سيومي خليل
-------------------
أتصفح أسطر الغثيان من على حاسوبي الخاص . بعد كل ذكرى وجودية لسارتر ، انتبه إلى أن سيجارتي إكتمل إحتراقها ، دون أن أرشف منها أكثر من رشفة واحدة .
قررت أن أتوقف عن التذخين أكثر من مرة ، كنت أعود إليه بشراهة لذيذة بعد قراراتي غير الحاسمة ، لكن مع الغثيان وجدت أن الفرصة مناسبة لتحقيق قرار المنع ، كأن سارتر يقف ، وهو المذخن الوجودي بامتياز ، على ذخان سيجارتي كي يقول :
- ألا يكفيك هذا الغثيان كي تضيف ...ويشير إلى السيجارة .
على مدار أوراق الغثيان ، وكلما خلت سارتر يبدد السيجارة دون أن أذخنها ، كنت أسأله نفس السؤال :
- وأنت ...من منعك عن التذخين ؟؟؟
أحلق بسرعة إلى مقال دبجه غابريال غارسيا ماركيز ،عن كيف أصبح بعد إنقطاعه عن التذخين . إنه سؤال وجودي جيد ؛ كيف نصبح حين نغادر عاداتنا ؟؟.
يجيب سارتر بنزقه الغامض ،والمعهود، عن السؤال :
- لن نصبح إلا نحن ، سواء كنا نحمل علب السجائر دائما معنا ، أو لم نحملها أبدا . أي فرق سيكون قائما بالفعل .. يقولون ، إن صحتنا ستتحسن ، فهل هذا يعني أننا أصبحنا غيرنا .
غابريال ، الذي أخبئ روايته الحب في زمن الكوليرا ،جنب الغثيان ، يحدق إلى ذخان مفترض ، ويقول :
-بالفعل هذا صحيح سارتر ... لكني سأتحدث عن تغير الأشياء المحيطة بنا ، الأكيد أن ذخان السجائر كان يخلق رؤية سديمية يلاحقها الخيال ، ومدة التدخين نفسها ألم تكن مشغولة زمنيا ، إنها إشتغال يجعلنا قائمين على أمر ما .
السيجارة إنتهت مرة آخرى ،دون أن أرشف منها أكثر من رشفة واحدة ، فالغثيان الرواية أصابتني فعلا بالغثيان والنسيان معا . نظرت في الذخان المتصاعد من السيجارة ، ونظرت في رواد المقهى ، الجميع يحفهم ذخان بارد كريه ،قلت :
-ماذا يفعلون ؟؟؟؟
أجبتني :
-ما تفعله أنت ...؟؟؟
- وماذا أفعل أنا ؟؟؟
- لاشيء تحديدا ...
يجيب سارتر عن تساؤلاتي :
-كنت ستسأل هذا السؤال لو لم تكن مذخنا أيضا ، ففجأة ستحس بجلوسك غير المبرر ، وستنظر في أشخاص آخرين يجلسون مثلك ، لا يحفهم ذخان بارد كريه ، بل سيحفهم شيء آخر ستحسه ساعتها ، وستسأل ؛ ماذا يفعلون ؟؟؟
رفعت يدي كي أبعد حذلفة سارتر الغامضة ،ونقرت على الحاسوب بحثا عن مقال يساعد في إبعاد ذخان السجائر .سمعت عيارة ماهذا الهراء ... لم أعرف من قالها ، لكنها كانت واضحة ، فكرت ربما هي صدى نفسي ، فكيف سيساعدني مقال عن الإنقطاع عن التذخين ، أنا من سأساعد نفسي ، وليس شيئا آخر .
كان أحد الأصدقاء قد جلس جنبي ، وشرع يقرأ المقال :
- أفكر أنا الآخر بالإمتناع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق