الأربعاء، 7 أغسطس 2013

النقاش السياسي لقضسة العفو

قلم : سيومي خليل
النقاش السياسي لقضية العفو
----------------------------------------------------------------

لا ترغب السلطة التنفيذية ،التي على رأسها بن كيران ،في استحقاق هامش السلطة التي يمنحها لها الدستور المُستفتى عليه في يوليوز 2011،وقد ظهر إمتناع هذه الرغبة في محطات كبيرة ، لكن أهمها محطة العفو ، التي نرى أنه كان من الممكن ، أن تُظهر عبرها الحكومة مقدار سلطتها، التي ساهمت إحتجاجات الشارع ،ومطالب بعض الأحزاب والفرقاء السياسيين ، في تحصيلها، وجعل الوثيقة الدستورية تتضمنها .

إن ميزة قضية العفو ، التي شغلت الر أي العام المغربي ، هي فتحها لنقاش السلط الموزعة بين جل المؤسسات الحاكمة ،وإعادة تطرقها لطبيعة المؤسسة الملكية في المغرب .

لقد بات واضحا أن المؤسسة الملكية ، تتخذ حسب طبيعة الأحداث ،صيغ مختلفة ،وأشكال متباينة ، لذا لا يمكن يأي حال من الأحوال الحديثة عن ملكية مطلقة ،كالتي كانت مع الحسن الثاني ،والتي كانت تجسد مفهوم القداسة ، والتي لا يجب المس بها في أي حال من الأحوال . إن الملكية مع محمد السادس ، وقبل دستور 2001،كانت قد تخلصت من الكثير من المحددات الكلاسيكية التي كانت تقيدها مع والده ؛ ربما الظرفية التاريخية فرضت هذا التخلص، وهذا التحديث ...سيأتي دستور 2011، ورغم كل ما يمكن أن يوصف به من عدم الكمال - كل وثيقة دستورية هي بالضرورة غير كاملة ولا نهائية -، إلا أنه جعل المؤسسة الملكية ، تتخلى عن بعض السلط ،وتمنحها ،وتشاركها مع رئيس الحكومة ، وهي بهذا حاولت أن تتحول من مالكة كل السلط ، إلى مشاركة للحكومة فيها ، ورغم ما يقال عن بقاء الواقع كما هو ، وعدم تنفيذ الحكومة لسلطها دستوريا ، إلا أن الأمر تمت دسترته ، وهذا كاف لجعل المؤسة الملكية ، تتحول من مؤسسة مطلقة ، إلى مؤسسة بين المطلقة -التنفيذية - والبرلمانية ...

قضية العفو الأخيرة أدخلت إلى المؤسسة الملكية مجموعة من الحيثيات التي نرى أنها ستساعد في زيادة وثيرة تحول المؤسسة الملكية إلى ملكية برلمانية ، لها قيمة الحياد ، والسيادة ، والفصل في القضايا ، وليس لها التحكيم السياسي ، والحيثيات جاءت كالتالي :

-1- لأول مرة في تاريخ المؤسسة يتم التنازل عن قرار تم إتخاذه من طرفها ،ومر عبر ديوانها ، وناقشه مستشاروها ، فكل قرارات المؤسسة الملكية ،كانت وثيقة ملزمة للجميع ، ولا يتم مناقشتها ، مما قد عمق من سيادة وحكم المؤسسة بدون منازع .

-2- لأول مرة تصدر المؤسسة الملكية عدم علمها بقرار صدر عنها ، وهذه أيضا ، إضافة جديدة لطبيعة المؤسسة ، فالمؤسسة الملكية بطبيعتها المتعددة تعلم كل شيء ،ولا يخفى عنها شيء.

-3-لأول مرة يتم إتخاد قرار إقالة مسؤول كبير بحجم مندوب السجون ، بعد تحقيق سريع أمر به الملك ،وهذه إشارة إلى عدم تعنت المؤسسة في التخلي عن رجالاتها الذين أخطاوا ...

إن تحول المؤسسة الملكية التنفيذية إلى برلمانية هو الكفيل بجعل المؤسسة قوية ، وأن مثال المؤسسات الملكية في هولاندا ،وبلجيكا مثلا ،هو خير مثال على مؤسسات ملكية قوية لا تحكم لوحدها ،وتشاركها مؤسسات تنفيذية وتشريعية وقضائية لها دورها في عملية تسيير الإختلاف وتدبيره .

عدم تعنت المؤسسة الملكية في قضية العفو سينقلها إلى مرحلة تطور جديدة ،تفرضها سطوة ،وإجبارية التاريخ ، وهي مرحلة تكون فيها مشاركة لعملية الحكم في البلد مع باقي المؤسسات الآخرى ، وهي مرحلة لن تضعهفا على الإطلاق ، بل ستجعلها رقما سياسيا بين مجموعة من الأرقام الآخرى ، وبهذا يتم تجاوز تجميع السلط في يد واحدة ، والتي تكون من آثاره ديكتاتورية وإستبداد وتوتاليتارية..
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق